بلاغ للديوان الملكي… تحيين مبادرة الحكم الذاتي: ورؤية المغرب الاستراتيجية للصحراء

شطاري نيوز

أصدر الديوان الملكي، يوم الإثنين 10 نونبر 2025، بلاغًا يوضح انعقاد اجتماع ترأسه مستشارو الملك مع زعماء الأحزاب الوطنية الممثلة في البرلمان، بحضور وزيري الداخلية والشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج. وقد خصص الاجتماع، بناءً على تعليمات الملك محمد السادس، لتحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية، في إطار السيادة المغربية، وذلك تزامنًا مع القرار الأخير لمجلس الأمن رقم 2797، الذي أقر المبادرة المغربية كأساس للمفاوضات لحل النزاع الإقليمي حول الصحراء.

يؤكد هذا البلاغ على ثلاثة معانٍ استراتيجية رئيسية: أولها، حرص الملك على المقاربة التشاركية، من خلال إشراك الأحزاب السياسية الوطنية والمؤسسات والقوى الحية للبلاد في بلورة تصور متكامل ومفصل لمبادرة الحكم الذاتي. هذا الأسلوب يعكس رغبة المملكة في تعزيز شرعية المبادرة داخليًا، وضمان مشاركة جميع الفاعلين السياسيين في مشروع وطني يهم مستقبل الأقاليم الجنوبية.

المعنى الثاني يتعلق بـالرسالة الموجهة داخليًا وخارجيًا حول شمولية المشروع وواقعيته. البلاغ يشدد على أن مبادرة الحكم الذاتي ليست محصورة بالساكنة الأصلية للأقاليم الجنوبية أو المسجلة في الإحصاء الإسباني، بل تشمل جميع المواطنين المغاربة، بما فيهم الصحراويون العائدون من مخيمات تندوف. ويأتي هذا التوضيح في سياق الدفاع عن مغربية الصحراء وقطع الطريق على أي تفسيرات خاطئة أو دعوات لتقسيم المجتمع المحلي.

المعنى الثالث يرتبط بالبعد الدولي والدبلوماسي. بلاغ الديوان الملكي يربط الاجتماع بالقرار الأخير لمجلس الأمن، مؤكدًا أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي أصبحت الحل الواقعي والقابل للتطبيق، في إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية، وهو ما يعزز موقف المغرب في المحافل الدولية ويؤكد التزامه بالمسار التفاوضي. كما يُبرز البلاغ أن المشاركة السياسية الوطنية في صياغة تفاصيل المبادرة تُرسل رسالة قوية عن وحدة الرؤية الوطنية والتجند تحت القيادة الملكية في مواجهة أي محاولات للنيل من مغربية الصحراء.

من زاوية تحليلية، يمكن اعتبار هذا الاجتماع وبلاغه مرحلة تأسيسية لتفعيل الحكم الذاتي على أرض الواقع. إذ إنه يجمع بين: الشرعية السياسية الداخلية عبر استشارة الأحزاب؛ الشرعية المجتمعية عبر إشراك جميع مكونات المجتمع الصحراوي؛ والشرعية الدولية عبر التأكيد على توافق المبادرة مع قرارات الأمم المتحدة. ويشكل هذا المزيج نموذجًا متقدمًا للحوكمة المحلية ضمن إطار السيادة الوطنية، يعكس قدرة المغرب على الجمع بين الاستقرار الداخلي والدبلوماسية الفعالة.

في الختام، بلاغ الديوان الملكي لا يقتصر على كونه إعلانًا شكليًا، بل يمثل خارطة طريق واضحة لتفعيل الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، مع تأكيد شامل على شمولية المبادرة، الواقعية، ومطابقتها للقانون الدولي. وهو يعكس رؤية استراتيجية متكاملة تسعى إلى دمج التنمية المحلية بالمقاربة التشاركية والسياسية الدبلوماسية، في خطوة نحو ضمان مستقبل مستقر ومزدهر للأقاليم الجنوبية ولجميع مكوناتها الاجتماعية.