شطاري نيوز
في خطوة تعكس محاولة جديدة لإعادة تموضعها في الساحة الأممية، وجهت جبهة “البوليساريو” رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، دعت فيها إلى ما أسمته “تقاسم فاتورة السلام” مع المغرب، معتبرة أن الوقت قد حان لإقامة “علاقات استراتيجية ومنافع متبادلة” بين الطرفين.
ورغم أن الجبهة قدمت رسالتها على أنها “مبادرة حسن نية”، فإنها أعادت من خلالها إنتاج خطابها التقليدي القائم على “تقرير المصير”، مكررة الإشارة إلى مقترح سبق أن أودعته لدى الأمم المتحدة سنة 2007، يدعو إلى إجراء استفتاء في الأقاليم الجنوبية. وأوضحت في رسالتها أن مبادرتها الجديدة تأتي في “سياق إقليمي ودولي حساس”، وتدعو إلى “تحمل جماعي لمسؤولية إحلال السلام”.
وتأتي هذه التحركات في وقت يناقش فيه مجلس الأمن الدولي مشروع القرار الأمريكي رقم 2756، الذي يكرّس مجددًا المقترح المغربي للحكم الذاتي كحلّ “جدي وواقعي وذي مصداقية” لإنهاء النزاع.
وينص المشروع على استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة، تحت سيادة المملكة المغربية، بما يعكس تزايد الاقتناع الدولي بجدوى المقاربة المغربية.
ويرى مراقبون أن هذه الرسالة ليست سوى محاولة من الجبهة لتخفيف وطأة العزلة السياسية والدبلوماسية التي تواجهها، بعد تقلص الدعم الذي كانت تحظى به من بعض القوى، مقابل تنامي الاعتراف بالمغرب كشريك أساسي في الاستقرار الإقليمي والتنمية الإفريقية.
ويعتبر هؤلاء أن الخطاب الجديد للجبهة محاولة لتلميع صورتها أمام المنتظم الدولي، دون أن يحمل أي تغيير جوهري في مواقفها.
في المقابل، يواصل المغرب العمل بثبات على تجسيد مقاربته الواقعية، من خلال تعزيز التنمية الشاملة في الأقاليم الجنوبية، وفق الرؤية الملكية التي تجعل من تمكين الساكنة المحلية أساسًا لترسيخ الاستقرار والسلم الاجتماعي، وتنعكس هذه السياسة في المشاريع المهيكلة التي تشهدها مدن العيون والداخلة وغيرها، والتي تمثل جوابًا عمليًا على كل محاولات التشكيك في مغربية الصحراء.
ويؤكد محللون أن تعبير “تقاسم فاتورة السلام” لا يعدو أن يكون غطاءً لغويًا لمناورة سياسية جديدة من “البوليساريو”، إذ إن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا عبر حلول واقعية تحترم وحدة الدول وسيادتها. فبينما تكتفي الجبهة بتكرار الشعارات، يواصل المغرب ترسيخ واقع جديد على الأرض، يجعل من التنمية والاستقرار عنوانًا دائمًا لسياسته في الصحراء.
وهكذا، يظهر أن الفارق بين الطرفين لم يعد فقط في المواقف، بل في الرؤية والممارسة: فبينما تبحث “البوليساريو” عن موقع في النقاش الأممي، يمضي المغرب بخطى واثقة نحو تكريس سيادته، مجسدًا قناعة راسخة بأن السلام يُبنى بالعمل والإنجاز لا بالشعارات، وبوحدة وطن تمتد من طنجة إلى الكويرة.









Comments - البوليساريو تطرح “فاتورة السلام” والمغرب يواصل ترسيخ خيار الحكم الذاتي :
Sorry Comments are closed