ستة شباب مغاربة في قبضة الجحيم الصومالي… براءة على الورق وسجن بلا نهاية

في زنزانة ضيقة ومعزولة داخل سجن غاروي بمنطقة بونتلاند في الصومال، يعيش ستة شباب مغاربة كابوساً يومياً منذ سنوات، بعد أن وقعوا في فخ من الخداع والوعود الزائفة، وانتهى بهم المطاف إلى مأساة إنسانية وقانونية قاسية.

رغم أن القضاء الصومالي قد أصدر حكماً نهائياً ببراءتهم من تهم الانتماء إلى جماعات إرهابية، ما زالوا قابعين خلف القضبان، يعانون الإهمال والحرمان في ظروف أشبه بالجحيم، بينما تلتزم الجهات الرسمية المغربية صمتاً مريباً، تاركة أبناءها يواجهون مصيراً قاتماً.

قصة هؤلاء الشبان بدأت بحلم بسيط: الهروب من شبح البطالة وانسداد الأفق في بلدهم، بحثاً عن فرصة عمل تحيي الأمل في نفوسهم. خُدعوا بوعود براقة من سماسرة ومهربين، أقنعوهم بإمكانية الوصول إلى فرص عمل في الصومال، البلد الذي كان غارقاً في الأزمات الأمنية والسياسية.

ما إن وطأت أقدامهم أرض الصومال، حتى اصطدموا بواقع مرير. وجدوا أنفسهم في مناطق تسيطر عليها جماعات متطرفة يُعتقد أنها مرتبطة بـ”داعش”. أدركوا سريعاً أنهم وقعوا في مصيدة قاتلة، فقرروا الهروب، وسلموا أنفسهم إلى سلطات بونتلاند، ظناً منهم أنهم بذلك ينجون بحياتهم.

لكن بدل أن يكون ذلك باب خلاص، أصبح فصلاً جديداً من مأساتهم. قُدموا إلى محكمة عسكرية، حُرموا خلالها من محاكمة عادلة ومن الدفاع عن أنفسهم، وصدر ضدهم حكم بالإعدام، فاجعاً لعائلاتهم التي تلقت الخبر كالصاعقة.

لاحقاً، أثبتت التحقيقات أنهم مجرد ضحايا لا صلة لهم بالإرهاب، لتتم تبرئتهم رسمياً، مع أمر قضائي بترحيلهم إلى المغرب. إلا أن العدالة توقفت عند حدود الورق، وبقي الشباب سجناء بلا أمل، محتجزين في زنزانات متهالكة، محرومين من الماء النظيف والطعام الكافي، يقتاتون على وجبة يتيمة لا تسد رمقهم.

أما حالتهم النفسية، فقد انهارت بين جدران العزلة، وسط شعور عميق بالنسيان والخوف المستمر. في تسجيل صوتي نشره موقع “العمق المغربي”، عبّر أحد المعتقلين بصوت ضعيف قائلاً: “نعيش على وجبة لا تصلح للأكل، لا ماء، لا دواء، لا زيارات، ولا حتى خبر يواسينا أو يربطنا بالحياة… كأننا لم نعد موجودين.”

اليوم، يواصل هؤلاء الشباب الصراخ في صمت، منتظرين التفاتة رسمية تعيد إليهم حقهم في الحياة والحرية، وتعيدهم إلى وطنهم الذي حلموا بمستقبل أفضل فيه، قبل أن تبتلعهم رحلة مظلمة إلى قلب المجهول.