شطاري نيوز:
أعرب قطاع الجامعيين الديمقراطيين بالحزب الاشتراكي الموحد عن رفضه لمشروع قانون التعليم العالي، معتبراً أنه يتجه نحو تكريس وصاية سياسية ومالية على الجامعة العمومية، من خلال إحداث “مجلس الأمناء”، وتحويل التعليم العالي إلى خدمة مؤدى عنها عبر ما يسمى بنظام التوقيت الميسر.
وفي قراءة نقدية لمشروع القانون رقم 59.24، اعتبر الجامعيون أن مسار الإصلاحات السابقة في قطاع التعليم العالي ظل محدود الأثر، واقتصر، بحسب تعبيرهم، على تغييرات شكلية همّت نظام الامتحانات وتمديد السنة الجامعية، مع إدماج غير متوازن لما يسمى بالمهارات الحياتية على حساب التكوين العلمي العميق والمعرفة التخصصية.
وانتقد الجامعيون تركيبة مجلس الأمناء المقترح، معتبرين أنها تمنح تمثيلية وازنة لممثلي القطاعات الحكومية والسلطات الإدارية، مقابل حضور ضعيف لمكونات المجتمع الجامعي من أساتذة وباحثين وطلبة، وهو ما يرون فيه مساساً بمبدأ التمثيلية الديمقراطية داخل الجامعة.
وحذرت الهيئة ذاتها من أن نقل الصلاحيات المالية والاستراتيجية إلى هذا المجلس من شأنه أن يحوّل الجامعة إلى جهاز تنفيذي للسياسات العمومية، ويقلص من دور الهياكل المنتخبة، خاصة في ما يتعلق بالتعيينات الكبرى، وتحديد التوجهات البحثية، والمصادقة على الميزانيات والمشاريع الاستراتيجية.
وأكد الجامعيون أن هذا التوجه يتعارض مع مبادئ استقلالية الجامعة ودمقرطتها، ويفرض أولويات سياسية واقتصادية على حساب الوظيفة الأكاديمية والعلمية، بما يهدد جوهر الرسالة التعليمية والبحثية للمؤسسة الجامعية.
وفي السياق ذاته، نبه قطاع الجامعيين الديمقراطيين إلى ما اعتبروه تقنيناً لخوصصة غير مباشرة عبر إدراج صنف “المؤسسات الشريكة غير الربحية”، التي لا تُصنف، حسب رأيهم، لا ضمن القطاع العمومي ولا الخصوصي، لكنها تستفيد من تمويل الدولة ومن موارد الجامعة العمومية، مع فرض رسوم على الطلبة.
وأوضحوا أن هذه المؤسسات تعتمد بشكل كبير على أطر التعليم العالي العمومي، وتمنح شواهد معترفاً بمعادلتها للشهادات الوطنية، ما يهدد مكانة الجامعة العمومية ويقوض مبدأ مجانية التعليم العالي.
واعتبر الجامعيون أن انتشار هذا النموذج من شأنه استنزاف الموارد البشرية والمالية للجامعة العمومية، وفتح المجال أمام تقليص الاستثمار العمومي في التعليم العالي، في انسجام مع منطق تسليع المعرفة وتوسيع منطق السوق داخل الحرم الجامعي.
وبخصوص نظام التوقيت الميسر، عبر القطاع عن رفضه لما اعتبره توجهاً يشرعن أنماطاً تعليمية مؤدى عنها داخل الجامعة العمومية، تحت غطاء التكوين المستمر، مشيراً إلى أن هذا النظام يمس بحقوق دستورية مرتبطة بالولوج العادل إلى التعليم والتكوين.
وأوضح المصدر ذاته أن هذا الخيار، رغم تقديمه كحل مرن لبعض الفئات، يفتح الباب أمام تعليم “حسب الطلب” ووفق القدرة الشرائية، ويكرس التمييز داخل الفضاء الجامعي، بدل تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص.
وختم الجامعيون موقفهم بالتأكيد على أن التوسع في هذا النمط من التدريس يمس بحق الموظفين في متابعة دراستهم الجامعية، ويتعارض مع مبادئ الإنصاف والعدالة الاجتماعية، داعين إلى إصلاح حقيقي يحافظ على مجانية التعليم واستقلالية الجامعة العمومية.








