شطاري نيوز : سيدي افني
في مثل هذا اليوم من تاريخ المغرب المجيد، يستحضر الشعب المغربي، ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير، واحدة من أعظم الملاحم الوطنية التي كُتبت بدماء الأبطال وبصمود لا يلين: انتفاضة قبائل آيت باعمران في 23 نونبر 1957. إنها ليست مجرد ذكرى عابرة، بل محطة تاريخية مفصلية أعادت رسم ملامح الكفاح الوطني ورسّخت جذور الارتباط العميق بين الإنسان المغربي وأرضه وهويته.
كانت منطقة سيدي إفني، بما تحمله من رمزية تاريخية وموقع استراتيجي، واحدة من أكثر المناطق استهدافاً من الاستعمار الإسباني، الذي حاول فرض سياسة التجنيس وطمس الهوية الوطنية والدينية للقبائل. لكنّ أبناء آيت باعمران، المعروفين بالشجاعة والبأس، رفضوا الخضوع، وأعلنوا انتفاضتهم الكبرى، فدوّى صوت المقاومة من تبلكوكت وصبويا وتيغزة والرغيوة إلى كل ربوع الجنوب.
في يوم 23 نونبر 1957، تحركت القبائل في انتفاضة منسّقة مع قيادة جيش التحرير بكلميم، لتندلع معارك ضارية فرض فيها المقاومون حصاراً خانقاً على القوات الإسبانية داخل سيدي إفني. ورغم قلة العتاد والعدة، ألحقت الكتائب الباعمرانية خسائر فادحة بالمستعمر، وأثبتت أن قوة الإيمان والوطنية تتفوق على جبروت السلاح.
استمرت المعارك إلى غاية 12 دجنبر 1957، لتتحول سيدي إفني إلى ثكنة محاصَرة، وتتحول الانتفاضة إلى صفحة ذهبية جديدة في سجل الكفاح المغربي، تضاف إلى أمجاد المقاومة منذ نفي الملك محمد الخامس سنة 1953، وصولاً إلى الاستقلال واستكمال الوحدة الترابية.
اليوم، وفي الذكرى الـ 68 لهذه الملحمة، يتجدد الفخر الوطني بقصص الرجال الذين صدّوا العدوان وقاوموا التجنيس، وحموا الهوية، وبقوا أوفياء للعرش العلوي المجيد. وهي مناسبة تتزامن أيضاً مع احتفالات نونبر المجيدة، من المسيرة الخضراء إلى انطلاق عمليات جيش التحرير بالجنوب، لتذكّر الجميع أنّ المغرب بلد كتب تاريخه بالنضال والتضحيات والإيمان الراسخ بوحدته الترابية.
ستظل انتفاضة آيت باعمران عنواناً للفداء، ورمزاً للتلاحم بين العرش والشعب، ودليلاً قاطعاً على أنّ روح المقاومة المغربية — التي لا تنطفئ — هي سر هذا الوطن الذي يرفض أن يركع








