شطاري نيوز
فجّر محمد ولد الرشيد، الرئيس الحالي لمجلس المستشارين وأحد أبرز وجوه حزب الاستقلال في الأقاليم الجنوبية، فضيحة من العيار الثقيل تتعلق بصفقة تأمينات بلغت قيمتها مليار سنتيم، كان قد أبرمها سلفه النعم ميارة خلال فترة رئاسته للمجلس. هذه الخطوة لم تُقرأ فقط باعتبارها كشفاً عن شبهة تدبير مالي مشبوه، بل اعتبرها مراقبون مناورة سياسية مدروسة تهدف إلى إضعاف ميارة في معركة النفوذ الدائرة داخل الحزب.
تفاصيل الصفقة أظهرت أن قيمتها المالية الضخمة وطريقة تمريرها تثير الكثير من التساؤلات حول غياب الشفافية ومصالح خفية قد تكون استفادت منها، لكن البعد المالي سرعان ما طغت عليه الخلفيات السياسية، إذ تحولت القضية إلى ورقة ضغط قوية في يد ولد الرشيد ضد غريمه، في سياق صراع طويل بين الرجلين حول من يمتلك زمام المبادرة داخل التنظيم وفي الجنوب بصفة عامة.
منذ سنوات، سعى النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين السابق والكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إلى بناء استقلاليته عن نفوذ آل الرشيد بالجنوب، اعتمد في ذلك على موقعه داخل البرلمان وثقله النقابي، محاولاً تشكيل تحالفات جديدة في الرباط لتوسيع حضوره داخل الحزب، غير أن هذه الطموحات اصطدمت بنفوذ محمد ولد الرشيد، الذي تمكن من ترسيخ مكانته كقوة انتخابية واجتماعية صلبة بالعيون وباقي الأقاليم الجنوبية، قبل أن يستثمر قضية التأمينات لتقويض صورة خصمه أمام القيادة الاستقلالية والرأي العام الوطني.
هذا التطور يضع الأمانة العامة لحزب الاستقلال أمام معضلة صعبة، فهي مطالبة بالحفاظ على توازن حساس بين جناحين قويين، جناح ميارة الذي يمثل واجهة الحزب في المؤسسات وله امتداد نقابي مؤثر، وجناح ولد الرشيد الذي يُعد ركيزة أساسية في الجنوب ويملك شبكة علاقات انتخابية واسعة، أي انحياز لطرف قد يهدد وحدة الحزب، فيما الصمت قد يُفهم على أنه عجز عن الحسم في ملفات حساسة.
وتأتي هذه الفضيحة في سياق سياسي واجتماعي وطني يتسم بارتفاع منسوب الاحتجاجات وتزايد المطالب الشعبية بالشفافية والمحاسبة، وهو ما يجعل من “صفقة التأمينات” أكثر من مجرد ملف داخلي، إذ تحولت إلى مؤشر على طبيعة الصراعات داخل النخب السياسية، كما أنها قد تكون نقطة تحول حاسمة في مستقبل العلاقة بين ميارة وولد الرشيد، بل وربما في موازين القوى داخل حزب الاستقلال نفسه.
غير أن تفجير هذه الفضيحة فتح الباب أمام قراءات متعددة، فبينما يرى البعض أنها خطوة ضرورية لفضح سوء التدبير، يعتقد آخرون أنها قد تكون مجرد تصفية حسابات داخلية، الهدف منها إبعاد النعم ميارة عن مواقع القرار داخل الحزب، خاصة بعد فقدانه لرئاسة مجلس المستشارين وتراجع نفوذه مقارنة بولد الرشيد، بهذا المعنى، تبدو الفضيحة أداة سياسية بقدر ما هي قضية مالية، تكشف عن شراسة الصراع على السلطة داخل بيت الاستقلال









Comments - محمد ولد الرشيد يفجر فضيحة صفقة التأمينات: صراع النفوذ يهز حزب الاستقلال :
Sorry Comments are closed