شطاري نيوز
عمد الجيش الإسباني، هذا الأسبوع، إلى نشر مدافع بعيدة المدى وبطاريات صواريخ مضادة للأهداف الجوية والبحرية بمدينة سبتة المحتلة، في خطوة أثارت اهتمام وسائل الإعلام الإسبانية التي اعتبرتها جزءاً من استراتيجية لتعزيز منظومة الدفاع وتحصين ما تصفه مدريد بـ”الخط الأمامي” للأمن القومي. ووفق ما أوردته صحيفة الفارو دي سوتا المحلية، فقد باشرت وحدات القوات المسلحة الإسبانية عملية تحديث واسعة شملت إعادة تموضع أنظمة دفاعية متطورة، من بينها مدافع حديثة وصواريخ موجهة قادرة على اعتراض الطائرات المسيّرة والسفن السريعة، وهو ما يعكس حجم القلق المتنامي لدى إسبانيا بشأن مستقبل موقع سبتة، الخاضع لسيطرتها منذ القرن السادس عشر.
التقرير ذاته أشار إلى أن القيادة العامة للمنطقة العسكرية في سبتة أجرت عرضاً تدريبياً واسعاً أبرز جاهزية وحدات الدفاع الجوي المرابطة بالمدينة، حيث تم استخدام منظومة المدافع 35/90 GDF-007 إلى جانب صواريخ Mistral، في سياق استراتيجية تهدف إلى رفع مستوى التأهب والقدرة على مواجهة أي تهديد جوي محتمل. هذه التحركات تأتي، بحسب الصحيفة، انسجاماً مع توصيات صادرة عن مراكز بحث استراتيجية إسبانية، كانت قد حذرت في تقارير حديثة من هشاشة الوضع الأمني بكل من سبتة ومليلية في ظل ما وصفته بـ”التحديات الجيوسياسية المتسارعة في منطقة المتوسط”، خاصة مع تنامي موجات الهجرة غير النظامية وبروز توترات إقليمية قد تعيد ترتيب موازين القوى بالمنطقة.
ولم يقتصر الأمر على نشر المعدات الدفاعية، بل شمل كذلك تكثيف الاستثمارات العسكرية من طرف وزارة الدفاع الإسبانية خلال الأشهر الماضية، سواء عبر اقتناء عتاد متطور أو عبر إطلاق برامج تدريب نوعية تستهدف الوحدات المرابطة بالثغرين المحتلين، بهدف ضمان سرعة التدخل ورفع القدرات العملياتية لمواجهة أي سيناريو يوصف بـ”العدائي المحتمل”. هذا التوجه يعكس إدراك مدريد لحساسية الثغرين، بالنظر إلى موقعهما الجغرافي عند بوابة البحر الأبيض المتوسط وإلى قربهما المباشر من السواحل المغربية.
ويطرح توقيت هذه التعزيزات العسكرية تساؤلات عديدة، خصوصاً وأن تحركات مماثلة شهدتها المدينتان المحتلتان والجزر الخاضعة للسيطرة الإسبانية في سنوات سابقة، وكانت قد ساهمت في تأجيج توترات دبلوماسية بين الرباط ومدريد. ورغم أن الخطاب الرسمي الإسباني يسوق لهذه التدابير باعتبارها إجراءات دفاعية صرفة تدخل في إطار تحديث القدرات العسكرية، إلا أن المتابعين لا يستبعدون أن تثير الخطوة الجديدة ردود فعل سياسية من جانب المغرب، الذي يعتبر مسألة السيادة على سبتة ومليلية قضية حساسة وتاريخية. وبذلك، فإن نشر هذه الترسانة في ظرف إقليمي متسم بعدم الاستقرار قد لا يقتصر على البعد الأمني وحده، بل يضيف أبعاداً سياسية ودبلوماسية من شأنها إعادة إحياء النقاش حول مستقبل المدينتين والعلاقات الثنائية بين البلدين.









Comments - إسبانيا تنشر مدافع وصواريخ متطورة بسبتة المحتلة.. خطوة دفاعية أم مناورة قد تعمّق الخلاف مع المغرب؟ :
Sorry Comments are closed