إقليم الطنطان: قراءة في تدبير الجماعات الترابية والتحديات القادمة

Brahim12 مارس 2025آخر تحديث : منذ 15 ساعة
Brahim
أقلام حرة
إقليم الطنطان: قراءة في تدبير الجماعات الترابية والتحديات القادمة

شطاري نيوز :

 بقلم :سليمان العسري.

يُواصل عامل إقليم الطنطان الجديد لقاءاته مع المجالس المنتخبة في إطار تقييم شامل لوضعية التدبير المحلي، وهو ما يطرح تساؤلات حول أداء الجماعات الترابية والتحديات الكبرى التي تنتظر العامل في سبيل تحسين الحكامة المحلية.

جماعة الطنطان: بين الخروج من الأزمة وتوازنات اللحظة الأخيرة
بعد نصف ولاية من الضبابية والتردد، يبدو أن رئيس جماعة الطنطان بدأ يستعيد توازنه السياسي، متحررًا من قيود الخوف والتذبذب التي طبعت بداياته. فبعد فترة من التوتر الداخلي والصراعات، نجح في إعادة هيكلة تحالفاته، مستفيدًا من الظرفية السياسية واحتياجات المعارضة إلى مواقع نفوذ، ما مكنه من ضمان تصويت إجماعي خلال الدورات الحالية والمقبلة.

غير أن هذا التوازن السياسي لم يأتِ دون ثمن، إذ تشير مصادر محلية إلى تفشي ممارسات الريع داخل المجلس، من توظيفات صورية إلى استفادات خاصة من الامتيازات الجماعية. ومع ذلك، لا يمكن إنكار بعض الإنجازات الملموسة، مثل تحسين البنية التحتية من خلال تبليط بعض الأحياء، وتحديث الإنارة العمومية، وإطلاق مشاريع اجتماعية واقتصادية، كالمحطة الطرقية والمركب الثقافي والساحات العمومية.

جماعة الوطية: مداخيل ضخمة وتدبير يُثير التساؤلات
رغم كونها الجماعة الأغنى بالإقليم نظرًا لمداخيل الصيد البحري والمقالع والسياحة، إلا أن جماعة الوطية تعاني من ركود تنموي واضح. رئيسها، الذي عاد إلى المشهد السياسي بعد تجربة سابقة، نجح في فرض سيطرته المطلقة على المجلس، مستفيدًا من دعم سياسي قوي وعلاقات متينة مع بعض الأعيان.

ومع ذلك، فإن هذا النفوذ لم يترجم إلى مشاريع تنموية حقيقية، بل إن بعض المشاريع السابقة عُلِّقت أو جُمِّدت، وسط غياب رؤية واضحة للنهوض بالمدينة. كما يشتكي أبناء المنطقة من تهميش الكفاءات المحلية، لصالح شبكة مصالح تستفيد من الامتيازات العقارية والدعم العمومي.

جماعة أبطيح: العزلة الإدارية وغياب التنمية
تُعد جماعة أبطيح نموذجًا صارخًا للجماعات القروية التي تعاني من عزلة مزدوجة: إدارية وتنموية. ورغم أنها شهدت تحسنًا طفيفًا في بعض الخدمات الأساسية مقارنة بالماضي، إلا أن تدبيرها يظل غارقًا في الغموض.

الرئيس الحالي، الذي ورث المنصب عن شقيقه، يواجه اتهامات بالتلاعب باللوائح الانتخابية، ما مكّنه من إحكام قبضته على الجماعة. وفي ظل غياب المشاريع التنموية، فإن أبرز ما يُميز الجماعة اليوم هو نزاعاتها العقارية والاستفادة غير المعلنة من الأراضي الجماعية، في مقابل تهميش مطالب السكان الحقيقية.

جماعة تلمزون: تاريخ عريق… وتنمية غائبة
رغم أهميتها التاريخية والاجتماعية، تعاني جماعة تلمزون من ضعف شديد في البنية التحتية وغياب مرافق أساسية. ويرجع ذلك جزئيًا إلى التسيير الذي طبعته الحسابات القبلية والصراعات الداخلية.

الرئيس الحالي، الذي يشغل أيضًا عضوية المجلس الجهوي، يُعرف بتوجهاته السياسية المتقلبة، وتعامله الحاد مع المخالفين له. كما يواجه اتهامات بالتورط في استغلال أراضي الجماعة، والتواطؤ مع شركات خاصة لاستغلال المقالع دون مراعاة مصالح الساكنة.

جماعة ابن خليل (لگرارة سابقًا): الجماعة الوهمية؟
كانت منطقة لگرارة تُعتبر ذات يوم مركزًا اقتصاديًا مزدهرًا، لكنها اليوم توصف بـ”الجماعة الوهمية”، حيث تقلصت أنشطتها الفلاحية والرعوية، وانحسر دورها التنموي تمامًا.

الرئيس الحالي، الذي يملك نفوذًا قويًا، يواجه شكاوى بخصوص سوء التدبير، وإقصاء الفئات الهشة من الاستفادة من مشاريع التنمية البشرية، إضافة إلى ملفات فساد تشمل صفقات المشتريات والتوظيفات المشبوهة. رغم أنه يشغل منصب مستشار برلماني، إلا أن تأثيره الفعلي على تنمية الجماعة يبقى محدودًا.

جماعة الشبيكة: الفرص الضائعة
تُعد جماعة الشبيكة واحدة من أغنى الجماعات من حيث المؤهلات السياحية، إلا أن هذه الإمكانيات لا تزال غير مستغلة بالشكل الأمثل. رغم المحاولات المتكررة لجذب الاستثمارات، إلا أن ضعف التسيير وغياب الإرادة السياسية حالت دون تحقيق نقلة نوعية في المنطقة.

الرئيس الحالي، الذي وصل إلى المنصب بروح شبابية وطموحات إصلاحية، وجد نفسه في مواجهة تحديات معقدة، من بينها ضعف البنية التحتية، وتأخر المشاريع، إضافة إلى انتقادات حادة من بعض أعضاء مجلسه، وصلت إلى حد الاستقالات العلنية.

الخلاصة: مسؤولية متقاسمة وتحديات تنتظر العامل الجديد
تكشف هذه القراءة عن مشهد متباين بين الجماعات الترابية في إقليم الطنطان، حيث يتداخل التدبير المحلي مع المصالح السياسية، مما يؤثر بشكل مباشر على التنمية المحلية. ومع تعاظم التحديات، يُطرح التساؤل حول دور العامل الجديد في تصحيح الاختلالات، وتوجيه المجالس المنتخبة نحو حكامة أكثر شفافية ونجاعة. فهل ستشهد المرحلة المقبلة إصلاحات حقيقية، أم أن الأمر سيظل خاضعًا للمنطق التقليدي في التدبير المحلي؟

اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات

تنبيه