شطاري نيوز
شاركت جمعية تبيين للعلوم والتراث والتنمية في فعاليات النسخة الثانية من الملتقى الديني والثقافي الدولي للولي العارف بالله الشيخ حسنا بن الشيخ ماء العينين، دفين مدينة فاس، الذي نظمته مؤسسة الشيخ حسنا بن الشيخ ماء العينين بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، تحت شعار: فاس وشنقيط: ذاكرة مشتركة واستشراف للمستقبل، وذلك بفضاء دار المرنيسي بفاس العتيقة.

وجاء تنظيم هذا الملتقى في سياق وطني متميز، تزامن مع الاحتفاء بعيد الوحدة الذي أعلنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وتخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، والذكرى السبعين لعيد الاستقلال المجيد، بما يعكس عمق الارتباط بين البعد الديني والثقافي والرمزية الوطنية.

وافتتحت فعاليات الملتقى بحفل ديني مهيب في يومه الأول، تخللته تلاوات عطرة من القرآن الكريم، وفقرات في المديح النبوي والابتهالات الصوفية، قدّمها منشدون من مدينة فاس، في أجواء روحانية جسّدت المكانة الدينية للشيخ حسنا بن الشيخ ماء العينين، وأبرزت البعد الروحي للملتقى.

أما اليوم الثاني، فقد خُصص لندوة علمية دولية تناولت المشترك الثقافي والحضاري بين المغرب وموريتانيا، بمشاركة نخبة من الأساتذة الجامعيين والباحثين من البلدين، واستُهلت أشغال الندوة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم النشيد الوطني، أعقبتها كلمة افتتاحية للأستاذ حسن ماءالعينين، رئيس المؤسسة المنظمة، رحّب فيها بالحضور وسلّط الضوء على رهانات الملتقى وأبعاده العلمية والثقافية.

وتلت ذلك كلمة لرئيس المجلس الجماعي لمدينة فاس، ثم مداخلة للدكتور ماءالعينين العتيق، تناول فيها شخصية الشيخ حسنا من خلال ما قيل فيه من شعر، مبرزًا مكانته العلمية والروحية في الذاكرة الثقافية المشتركة بين المغرب وبلاد شنقيط.
وعقب الجلسة الافتتاحية، قام المشاركون بجولة في الرواق الموضوعاتي الذي أشرفت على تنظيمه جمعية تبيين للعلوم والتراث والتنمية، حيث قُدمت نماذج من اشتغال الجمعية في مجالي العلوم والتراث، بما يعكس إسهامها في صون الذاكرة الثقافية وتعزيز البحث العلمي، كما زار الحضور معرض الكتاب المنظم من طرف مؤسسة الشيخ مُربيه وربه لإحياء التراث والتنمية، إضافة إلى قراءة في كتاب قدّمتها جمعية ديوان.
واستؤنفت بعد ذلك أشغال الندوة بمداخلات علمية وازنة، حيث تناول الدكتور النعمة ماء العينين موضوع تلامذة الشيخ ماء العينين وما قيل فيه من شعر، فيما تطرق الدكتور محمد سيدي عبد الله إلى العلاقة الأدبية بين شنقيط والمغرب، مبرزًا أوجه التفاعل والتكامل بين المجالين الثقافيين، كما ناقشت الدكتورة كوثر أبو العيد مظاهر التواصل الفكري والعلمي بين موريتانيا والمغرب من خلال مقاربة تاريخية حضارية، في حين تناول الدكتور أحمدو النحوي موضوع التكامل الاقتصادي بين البلدين وآفاق تعزيزه.
وفي الجلسة الثانية، قدّمت الدكتورة مريم باب الدين مداخلة حول العلاقات المغربية الموريتانية خلال حكم السلطان مولاي إسماعيل، بينما تناول الدكتور محمد علي مومن العلاقات الثقافية بين البلدين وأبعادها الحضارية والإنسانية، كما ركزت الأستاذة الدكتورة نورة العروسي على أوجه الشبه في التراث المعماري بين المغرب وموريتانيا، مبرزة التقاطعات الجمالية والوظيفية التي تعكس وحدة المرجعيات الثقافية والعمرانية، واختُتمت الجلسة بمداخلة للدكتور الشيخ لكبير ماء العينين حول مشروع الحكم الذاتي ودوره في تعزيز الآفاق الاقتصادية وتطوير الشراكة التجارية والاستثمارية بين البلدين.
وضمن فعاليات الملتقى، وقّعت دار ديوان للنشر شراكة ثقافية ثلاثية مع مؤسسة الشيخ حسنا بن الشيخ ماء العينين وجمعية الجسر الثقافي بإسبانيا، تروم صون الذاكرة الثقافية والروحية وتعزيز الحوار الثقافي بين المغرب وإسبانيا، كما أعلنت دار ديوان عن تكفلها بطبع ونشر أشغال الندوة العلمية لموسم الشيخ حسنا بن الشيخ ماء العينين لسنة 2025، توثيقًا لمخرجاتها وإتاحتها للباحثين والمهتمين.
واختُتمت هذه التظاهرة العلمية بتنظيم حفل تكريمي شمل شخصيات وهيئات أسهمت في إنجاح الملتقى، حيث حظيت جمعية تبيين للعلوم والتراث والتنمية بتكريم خاص، تسلّمه ممثلو الجمعية من رئيس المؤسسة، اعترافًا بمشاركتها الفاعلة وإسهامها المتميز في مختلف أنشطة وفعاليات هذا الحدث العلمي والثقافي البارز.








