الدار البيضاء تحتضن المناظرة الوطنية الأولى حول الإشهار: خطوة نحو تنظيم قطاع حيوي وتحقيق السيادة الإعلامية

طاقم الجريدة8 أكتوبر 2025
طاقم الجريدة
أخبار
الدار البيضاء تحتضن المناظرة الوطنية الأولى حول الإشهار: خطوة نحو تنظيم قطاع حيوي وتحقيق السيادة الإعلامية

شطاري نيوز

احتضنت مدينة الدار البيضاء، صباح اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025، أشغال المناظرة الوطنية الأولى حول الإشهار، المنظمة تحت شعار “الوضعية الراهنة وآفاق المستقبل”، بمبادرة من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وبشراكة مع عدد من الهيئات والمؤسسات الإعلامية والمهنية، وذلك في سابقة تهدف إلى فتح نقاش وطني شامل حول مستقبل قطاع الإشهار بالمغرب، ويأتي تنظيم هذه المناظرة في سياق وطني ودولي يعرف تحولات متسارعة في منظومة الاتصال والإعلام، خصوصا مع بروز الإشهار الرقمي كفاعل اقتصادي وثقافي مؤثر في السلوك الاستهلاكي وفي تمويل وسائل الإعلام على حد سواء.

 

في كلمته الافتتاحية، أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، أن هذه المناظرة تشكل محطة تأسيسية لتأهيل قطاع الإشهار وجعله في صلب الرؤية الاستراتيجية للمغرب في مجال الاتصال والإبداع، موضحا أن الإشهار لم يعد مجرد نشاط تجاري بل أصبح رافعة من روافع السيادة الإعلامية والاقتصادية للمملكة. وأضاف أن الصناعات الثقافية والإبداعية تساهم بما يقارب 2.8 في المائة من الناتج الداخلي الخام وتوفر أكثر من 140 ألف منصب شغل، منها ثلث نسائي، مؤكدا تطلع الحكومة إلى رفع هذه النسبة إلى 5 في المائة في أفق سنة 2030.

 

من جانبها، شددت لطيفة أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، على أن الإشهار ليس مجرد وسيلة لتسويق المنتجات والخدمات، بل هو خطاب موجه إلى المواطن يعكس القيم المجتمعية ويمس الوعي الجماعي، مما يستدعي اعتماد مقاربة جديدة تؤطر المضمون الإشهاري بأبعاد أخلاقية وثقافية تراعي الهوية المغربية، وأبرزت أن التحديات الكبرى المطروحة أمام الفاعلين اليوم تتجلى في ضبط السوق الإشهارية وضمان الشفافية وتكافؤ الفرص بين الفاعلين، خاصة في ظل هيمنة المنصات الرقمية الكبرى، مشيرة إلى أن الحكامة والأخلاقيات والعدالة المجالية تمثل ركائز ضرورية لأي إصلاح حقيقي للقطاع.

 

وشهدت الجلسات الأولى من المناظرة نقاشات مكثفة بين خبراء وإعلاميين ومعلنين وممثلين عن مؤسسات الدولة، حول سبل هيكلة السوق الإشهارية بما يضمن الشفافية والتنافسية، وتطوير القوانين المؤطرة للإعلانات الرقمية، ودعم الإعلام الوطني من خلال سياسات إشهارية عادلة ومنصفة، إلى جانب تعزيز الابتكار في المحتوى الإعلاني وفق المعايير الأخلاقية والثقافية الوطنية، وتسعى المناظرة، التي تمتد ليومي 8 و9 أكتوبر، إلى صياغة توصيات عملية وخارطة طريق وطنية تمكن من تطوير المنظومة التشريعية والتنظيمية، ومواكبة التحولات الرقمية التي تعرفها صناعة الإشهار والإعلام.

 

ورغم الأهمية الكبرى لهذا الحدث، لاحظ بعض المتتبعين محدودية حضور بعض الفاعلين الاقتصاديين الكبار، مما قد يقلص من حجم النقاش حول الإشكالات البنيوية التي يعرفها القطاع. غير أن المنظمين أكدوا أن الهدف الأساس هو إطلاق دينامية تشاركية مستمرة ستتواصل من خلال لجان متابعة متخصصة بعد المناظرة، لوضع التصورات النهائية لإصلاح المنظومة.

 

وتتواصل أشغال المناظرة الوطنية الأولى حول الإشهار إلى غاية يوم غد الخميس، حيث يُرتقب أن تُختتم بتقديم خلاصة شاملة وتوصيات عملية تمثل نواة أولى لإصلاح شامل ومنسق للقطاع، من شأنها أن تشكل مرجعية وطنية لسياسات الإشهار بالمغرب خلال السنوات المقبلة.

 

تمثل هذه المناظرة خطوة أولى نحو بناء مشهد إشهاري وطني حديث ومتوازن يقوم على مبادئ المسؤولية المهنية والشفافية، ويحافظ في الوقت نفسه على البعد الثقافي والهوياتي للمغرب، كما يُرتقب أن تسهم مخرجاتها في تعزيز استقلالية وسائل الإعلام عبر تمويل مستدام قائم على توزيع منصف للإعلانات، وفي تحصين الفضاء الرقمي الوطني من الممارسات غير القانونية أو المضللة، وبهذا الحدث، يخطو المغرب أولى خطواته العملية نحو إصلاح شامل للقطاع الإشهاري، بما يعيد الاعتبار لدوره الاقتصادي والثقافي، ويكرس رؤية جديدة قوامها المهنية والشفافية والمسؤولية الاجتماعية في خدمة المواطن والإعلام الوطني.


Warning: Division by zero in /home/chtarinews/public_html/wp-includes/comment-template.php on line 1532

Comments

Sorry Comments are closed

Type a small note about the comments posted on your site (you can hide this note from comments settings)
    تنبيه
    error: Content is protected !!