شطاري نيوز
قراءة في الموضوع: سيد الزين محمد
ستشهد جهة العيون الساقية الحمراء، غدا، حركية سياسية لافتة مع حلول قيادات حزبية وازنة، حيث من المرتقب أن يقوم الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، بزيارة إلى مدينة السمارة، فيما يعتزم الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، القيام بجولة تشمل جماعة المرسى التابعة لمدينة العيون ومدينة الطرفاية.
وعلى الرغم من أن الزيارتين ستجريان في اليوم نفسه، فإنهما ليستا برنامجا مشتركا، بل لكل حزب أجندته الخاصة به. غير أن هذا التزامن فتح الباب أمام تساؤلات حول مغزى اختيار هذه الفترة بالذات للقيام بجولات حزبية في الأقاليم الجنوبية، وهل يتعلق الأمر بمجرد صدفة زمنية أم أن هناك رهانات سياسية غير معلنة مرتبطة بالاستعدادات المبكرة للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
ويطرح متتبعون أيضا علامات استفهام حول طبيعة توزيع محطات الزيارتين، إذ اختار الأمين العام لحزب الاستقلال التوجه إلى السمارة، بينما ركز إدريس لشكر على المرسى والطرفاية، في وقت لم تتم برمجة أي محطة داخل مدينة العيون نفسها، رغم أنها تشكل القلب السياسي والاقتصادي للجهة. هذا الغياب أثار ملاحظات، خاصة أن العيون تعتبر مركز الثقل الانتخابي والتنظيمي، ما يفتح المجال أمام قراءات متباينة بخصوص دوافع هذا الاختيار.
في خلفية هذه التحركات، يبرز سعي الأحزاب إلى تكثيف حضورها بالمناطق الجنوبية، انسجاما مع رهانات تعزيز إشعاعها التنظيمي والسياسي وربط قنوات تواصل مباشرة مع الساكنة.
كما تأتي هذه التحركات في سياق تزايد الوعي بكون الأقاليم الجنوبية فضاء استراتيجيا ضمن النموذج التنموي الجديد الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس، والذي يفتح آفاقا واسعة للمشاريع التنموية الكبرى.
ويرى مراقبون أن هذه الزيارات، وإن كانت تبدو ميدانية وتواصلية بالدرجة الأولى، إلا أنها تحمل في طياتها رسائل سياسية واضحة، سواء على مستوى إعادة ترتيب البيت الداخلي للأحزاب أو على مستوى تثبيت حضورها بالجنوب تحسبا للاستحقاقات المقبلة. كما أنها تعكس إدراكا متزايدا بأهمية هذه الجهة في موازين القوى الوطنية، باعتبارها أحد مفاتيح الحسم الانتخابي والسياسي في السنوات القادمة.
وعند قراءة الخريطة السياسية المقبلة بجهة العيون الساقية الحمراء، يبرز أن مدينة السمارة مرشحة لتكون إحدى أكثر نقاط التنافس سخونة، حيث يُتوقع أن يحتدم الصراع بين قوى حزبية وشخصيات وازنة، في ظل محاولة الاستقلال تعزيز موقعه التقليدي، مقابل محاولات خصومه تسجيل اختراقات جديدة. أما جماعة المرسى التابعة لمدينة العيون، فقد تكون بدورها ساحة مواجهة قوية إذا قرر رجل الأعمال حماد الدرهم دخول غمار المنافسة ضد البرلماني الحالي المساوي بدر، وهو ما سيجعل السباق محموما.
في المقابل، تبقى مدينة الطرفاية، التي ظلت لسنوات ولا تزال محسوبة على حزب التجمع الوطني للأحرار، مرشحة لحدوث تغييرات محتملة، في ظل مؤشرات على وجود صراعات داخلية قد تفضي إلى إعادة تشكيل التحالفات وتغيير بعض الالوان الحزبية ويتعلق الأمر برئيس المجلس الإقليمي محمد سالم بهيا المشهور بإسم فانو.
أما العيون، القلب السياسي للجهة، فإنها تعيش مرحلة إعادة ترتيب الأدوار داخل عائلة أولاد الرشيد، حيث يرتقب أن يترشح محمد ولد الرشيد لرئاسة الجهة، فيما ستكون هناك مفاجآت في رئاسة جماعة العيون، أما حمدي ولد الرشيد، الرئيس الحالي والمسير الفعلي لحزب الاستقلال بالجنوب بعد أخيه الأكبر خليهنا ولد الرشيد، فقد يعتزل السياسة نظرا لكبر سنه وحالته الصحية، ويبقى في الكواليس، غير أن موقع المنافس التقليدي محمد سالم ولد الجماني يظل مطروحا بقوة، وسط تساؤلات حول مدى قدرته على العودة إلى واجهة المنافس.
وفي بوجدور، تبقى الأسئلة مفتوحة: هل سيستمر حزب الاستقلال في بسط سيطرته التقليدية، أم أن الانتخابات المقبلة قد تحمل معها مفاجآت من شأنها إعادة خلط الأوراق وإفساح المجال أمام صعود وجوه جديدة؟
بين من يعتبر أن تزامن زيارات نزار بركة وإدريس لشكر مجرد صدفة زمنية، ومن يرى فيها مؤشرا على دخول الأحزاب الكبرى في مرحلة مبكرة من التنافس الميداني، يبقى المؤكد أن الاستحقاقات المقبلة بجهة العيون الساقية الحمراء لن تكون كسابقاتها، بل قد تشهد تحولات عميقة ومفاجآت غير متوقعة، خصوصا في السمارة والمرسى والطرفاية، فيما ستظل العيون وبوجدور بمثابة مفتاح الحسم في تحديد ملامح الخريطة السياسية المقبلة بالجنوب.









Comments - تحركات متزامنة لحزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي وزيارة لجهة العيون الساقية الحمراء تثير التساؤلات :
Sorry Comments are closed