جهة الداخلة وادي الذهب.. من وثيقة البيعة إلى بوابة التنمية الإفريقية

واد الذهب: شطاري نيوز 

في الرابع عشر من غشت، تحضر ذكرى استرجاع وادي الذهب بكل ما تحمله من رمزية وطنية وعمق تاريخي، لتلتقي اليوم مع واقع جديد يزخر بالإنجازات التنموية التي جعلت الداخلة، عاصمة الإقليم، أيقونة للتحديث وورشًا مفتوحًا نحو المستقبل. لقد انطلقت مسيرة طموحة لتحويل هذه المدينة إلى قطب اقتصادي متكامل ونافذة استراتيجية للمغرب على عمقه الإفريقي، من خلال مشاريع نوعية تمزج بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحفاظ على البيئة.

تكتسي هذه المناسبة بعدًا خاصًا بحضور وثيقة البيعة التاريخية التي تقدمت بها القبائل الصحراوية من إقليمي وادي الذهب وأوسرد بين يدي الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه سنة 1979، حيث عبّرت هذه الوثيقة بخط واضح وصياغة أصيلة عن التمسك القوي بالمغرب ووحدته الترابية، وعن الوفاء للعهد الذي يجمع العرش بالشعب. وهي وثيقة تحفظ ذاكرة المنطقة وتؤرخ للحظة حاسمة جسدت فيها القبائل إرادتها الحرة بالانتماء للوطن الأم، ما شكّل ضربة قاصمة لخصوم المملكة آنذاك.

في المجال الاقتصادي، تم تعزيز جاذبية المنطقة للاستثمار، خاصة في القطاعات الصديقة للبيئة والسياحة المستدامة، مع دعم قوي لريادة الأعمال والمبادرات المحلية. وتعمل الداخلة على تثبيت مكانتها كوجهة سياحية رئيسية بفضل تطوير بنيتها التحتية السياحية وموانئها ومرافقها، مما يجعلها نقطة جذب للمستثمرين والزوار على حد سواء.

أما على المستوى الاجتماعي، فقد شهدت الداخلة طفرة في البنية التحتية التعليمية والصحية، حيث يجري تشييد كلية الطب والمستشفى الجامعي، بهدف توفير تكوين علمي رفيع وخدمات صحية متقدمة، ما يساهم في تحسين جودة الحياة للسكان وتعزيز الكفاءات المحلية. هذه المشاريع تعكس رؤية شاملة لتنمية الرأسمال البشري باعتباره أساسًا لكل نهضة حقيقية.

كما أولت الجهة اهتمامًا كبيرًا للبعد البيئي، عبر حماية مواردها الطبيعية وتطوير حلول مبتكرة لإدارة النفايات، إلى جانب مبادرات للتصدي لتحديات تغير المناخ. ويواكب هذا التوجه حرص على إدماج المعايير البيئية في التخطيط العمراني ومشاريع البنية التحتية، بما يضمن استدامة الموارد وحماية النظم البيئية الفريدة في المنطقة.

بفضل مشاريع “المدينة الذكية”، وتوسيع العرض السكني، وتحسين شبكة الطرق والمرافق، أصبحت الداخلة مثالًا للتخطيط العمراني المتوازن الذي يواكب النمو ويحافظ على البيئة. هذه الدينامية تشمل إعداد مخططات توجيهية للتهيئة العمرانية تراعي الخصوصيات المحلية لخليج وادي الذهب، وتواكب التوسع السكاني والعمراني في انسجام مع 

المعطيات البيئية.

في ظرف وجيز، تحققت إنجازات بارزة تعكس الرؤية السديدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، والدعم المتواصل من حكومة جلالته، بما يجسد الإرادة القوية لجعل الداخلة منصة اقتصادية وتجارية وسياحية تربط المغرب بعمقه الإفريقي. وهي إنجازات تؤكد وفاء ساكنة الجهة لروح البيعة التي جددوها قبل 46 سنة، واستمرارهم في الإسهام في بناء وطن موحد ومزدهر، حيث يلتقي التاريخ المجيد بالمستقبل الواعد في لوحة تنموية متكاملة.