الشرطة المواطنة في المغرب.. نحو أمن إنساني بشراكة مع المواطن

العيون: شطاري نيوز 

شهدت المؤسسة الأمنية المغربية خلال العقد الأخير تحوّلاً جوهرياً في فلسفة عملها، تجسّد في إطلاق مقاربة جديدة تحت مسمى “الشرطة المواطنة”، وهي رؤية تهدف إلى جعل الأمن شأناً يومياً مشتركاً بين رجل الأمن والمواطن، في إطار من الثقة المتبادلة والشفافية.

فلسفة جديدة للعمل الأمني

لم يعد دور الشرطة يقتصر على التدخل بعد وقوع الجريمة، بل أصبح يشمل الوقاية المسبقة عبر الانخراط في الحياة اليومية للمواطنين، وتبني مقاربة تشاركية تعطي الأولوية للتواصل، الإنصات، وحل النزاعات بالطرق السلمية.

هذا ويؤكد مصدر أمني أن “الشرطة المواطنة” تقوم على المزج بين الحزم في تطبيق القانون، والإنسانية في التعامل مع المواطنين، مضيفاً أن هذا التوجه يعكس إرادة ملكية في تعزيز ثقة المواطن في مؤسسات بلاده.

حضور ميداني وخدمات رقمية

من مظاهر هذا التحول، تكثيف الدوريات الراجلة والمتحركة في الأحياء السكنية، وإحداث مكاتب استقبال خاصة بضحايا العنف، فضلاً عن تسريع المعاملات الإدارية عبر الشباك الموحد للخدمات، واعتماد منصات رقمية للإبلاغ عن الجرائم أو طلب المعلومات.

وقد لقيت هذه المبادرات تفاعلاً إيجابياً من المواطنين، حيث قال محمد، أحد سكان الدار البيضاء: “أصبحنا نرى رجال الأمن بشكل يومي في الأحياء، ليس فقط عند وقوع مشاكل، بل حتى في المبادرات التحسيسية مع التلاميذ والشباب”.

التكوين.. حجر الزاوية

تعمل المديرية العامة للأمن الوطني على إدماج وحدات تكوينية جديدة لرجال ونساء الأمن تشمل التواصل الفعّال، حقوق الإنسان، التدخل الإنساني، ومهارات الوساطة، بهدف ضمان تعامل حضاري يحترم كرامة المواطن، دون التفريط في الصرامة القانونية.

تحديات أمام المشروع

رغم النتائج الإيجابية، تواجه هذه المقاربة تحديات متزايدة، خاصة في ظل الطفرة الرقمية التي أفرزت جرائم سيبرانية معقدة، وضغط الطلب على الخدمات الأمنية في المدن الكبرى.

ويرى خبراء أن استدامة هذا المشروع تتطلب دعم الإمكانيات اللوجستية، وتوسيع التجربة لتشمل جميع مناطق المملكة، بما فيها القرى والمناطق الحدودية.

“الشرطة المواطنة” في المغرب لم تعد مجرد شعار، بل أصبحت واقعاً ملموساً يترجم رغبة الدولة في بناء أمن قائم على المشاركة، الشفافية، وحماية الحقوق، وهو مسار طويل، لكن المؤشرات الميدانية تؤكد أن الثقة المتبادلة بين المواطن ورجل الأمن باتت تتعزز يوماً بعد آخر.