القضاء الإداري بأكادير يعيد الاعتبار لطلبة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية: انتصار للقانون وهزيمة للعبث

شطاري نيوز 

لم يكن ما عاشه طلبة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير مجرد نزاع عابر داخل مؤسسة جامعية، بل محطة فارقة كشفت حجم الخلل الذي ينخر الجامعة المغربية حين تُترك رهينة لممارسات بعض المتحكمين. وبعد سنوات من المعاناة، جاء حكم القضاء الإداري بأكادير ليشكل لحظة إنصاف تاريخية للطلبة وعائلاتهم، ويؤكد أن منطق الفوضى لا يمكن أن يعلو على سلطة القانون.
في جلسة الأربعاء، تهاوت جدران الصمت، بعدما أقرّ مدير المؤسسة أمام هيئة القضاء بأن أربعة أساتذة كانوا في صلب ما جرى، من خلال تعمدهم عرقلة المسار البيداغوجي وإرسال النقط خارج الآجال القانونية، وهو ما اعتبره القضاة دليلاً صريحاً على استهتار ممنهج بمصير مئات الطلبة. لم يعد الأمر إذن مجرد أخطاء إدارية، بل ممارسة خطيرة تمس جوهر العدالة التعليمية.
هذا الحكم لم يكن إنصافاً للطلبة فقط، بل كان أيضاً اعترافاً بمعاناة أولياء الأمور الذين طرقوا كل الأبواب دون جدوى، في مواجهة وزارة اختارت الصمت وجامعة عجزت عن التدخل. واليوم، وقد وُضعت الحقيقة على الطاولة، يبرز السؤال الملح: ما الذي ستقوم به وزارة التعليم العالي ورئاسة جامعة ابن زهر لتدارك هذا الخراب؟ فالمحاسبة باتت ضرورة، والسكوت عن الاختلالات لم يعد مقبولاً.
ولا يمكن في هذا السياق إغفال الدور الكبير الذي قامت به هيئة الدفاع، التي تعاملت مع الملف باعتباره قضية وجودية لمستقبل مئات الطلبة، وليس مجرد نزاع إداري. لقد أثبت المحامون أن الدفاع عن الحق في التعليم مسؤولية أخلاقية قبل أن يكون واجباً مهنياً.
انتصار القضاء الإداري هو بداية الطريق لا نهايته. فالمطلوب اليوم إصلاح جذري يقطع مع كل أشكال العبث الأكاديمي، ويعيد للمؤسسة إشعاعها العلمي، عبر قرارات جريئة تضع مصلحة الطلبة فوق الحسابات الضيقة، لأن استمرار الوضع على ما هو عليه، يعني ببساطة أننا سنعيد إنتاج نفس المأساة بأسماء جديدة ووجوه أخرى.