شطاري نيوز : العيون
تكتسي السلطة القضائية أهمية خاصة، باعتبارها أهم ضمانة لاحترام حقوق الإنسان
وحماية مصالح الأفراد والجماعات، وباعتبارها الآلية المعهود إليها ضمان سيادة القانون،
ومساواة الجميع أمام مقتضياته.
فالقضاء يعتبر إحدى أهم الدعامات
الأساسية لبناء دولة الحق و القانون، وهو يضطلع بمهمة الفصل في الحقوق المتنازع حولها، وفق مساطر قانونية تضمن شروط المحاكمة العادلة شكال ومضمونا، إذ أن الحق في محاكمة عادلة، وحق اللجوء إلى القضاء، ومبدأ ضمان حق الدفاع، وغيرها من الضمانات القانونية الأخرى تدور كلها في فلك الاستقلالية، فاستقلالية القاضي والقضاء، وحياد العدالة في محور كل تلك الضمانات القانونية، وهو ما يفسر كون مبدأ استقلالية السلطة القضائية هو محور الاهتمام العالمي،
فلا يمكن الحديث البتة عن أي ضمانات قانونية في أي ميدان قانوني، طالما أن من يترجم تلك القواعد القانونية إلى واقع عملي غير مستقل وغير محايد، والمتمثلة في السلطة القضائية.
فقد أعاد تداول تسجيل صوتي منسوب إلى قضاة يوثق وجود تدخل في تدبير ملف قضائي معروض على أنظار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، يتابع فيه أحد الأشخاص في حالة اعتقال النقاش حول الضمانات الممنوحة للقضاة ضد كل أشكال التدخل الخارجية.
وقد شكل ملف استقلالية القضاء مطلبا ملحا، رفعه كل المتدخلين في حقل العدالة.
كما حرص الملك محمد السادس شخصيا على إيلاء هذا الورش عناية كبيرة، حيث لم تخلُ العديد من خطبه من التأكيد على أهمية استقلالية القضاء.
ضمانات دستورية
تضمن دستور 2011 عددا من المقتضيات التي تحمي القاضي من أساليب التدخل في عمله، وجعله محصنا من تدخل أية جهة خارجية.
وفي هذا الإطار، نص الفصل 109 من الدستور على أنه “يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء؛ ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات، ولا يخضع لأي ضغط كان، من أي جهة كانت.
ويجب على القاضي، كلما اعتبر أن استقلاله مهددا، أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
بحيث يعد كل إخلال من القاضي بواجب الاستقلال والتجرد خطأ مهنيا جسيما، بصرف النظر عن المتابعات القضائية المحتملة.
وتعليقا على ذلك، اعتبر أحد المسؤولين القضائين أن واقعة التسجيل الصوتي المذكور أظهرت تدخلا سافرا في القضاء، كما أبانت قابلية بعض القضاة للخضوع إلى التعليمات.
وأضاف: “كان على القضاة الذين تم التدخل في عملهم إحالة الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية”، معتبرا أن مجاراتهم للطرف المتدخل يعرضهم للمساءلة.
وأشار المسؤول القضائي ذاته إلى أن قضاة الأحكام يمنع عليهم عقد أي لقاء مع أي طرف من أطراف الدعوى خلافا لما ورد في التسجيل الصوتي، حيث لم يمانع أحد القضاة من عقد لقاء بمكتبه مع والدة أحد المعتقلين وتقديم وعد بإطلاق سراحه قبل دخول الملف إلى المداولة.
وينص الفصل 110 من الدستور على أنه “لا يلزم قضاة الأحكام إلا بتطبيق القانون، ولا تصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون”.
كما يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون، حسب الفصل 117 من الدستور؛ وهو ما يتطلب منهم التزام الحياد إزاء كل الأطراف والبعد عن الشبهات.
حماية استقلال القاضي
نظم القانون التنظيمي 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية حماية استقلال القاضي من كل تدخل خارجي.
حيث يسهر المجلس على ضمان احترام القيم القضائية والتشبث بها وإشاعة ثقافة النزاهة والتخليق بما يعزز استقلال القضاء، ويتخذ لأجل ذلك كل الإجراءات التي يراها مناسبة.
كما نصت المادة 104 من القانون التنظيمي المذكور على أنه “يجب على كل قاض اعتبر استقلاله مهددا أن يحيل الأمر إلى المجلس بواسطة تقرير يودعه مباشرة بالأمانة العامة للمجلس أو يوجهه إليها بكل الوسائل المتاحة”.
ويمكن للمجلس عند الاقتضاء أن يقوم بالأبحاث والتحريات اللازمة؛ بما في ذلك الاستماع إلى القاضي المعني، وإلى كل من يرى فائدة في الاستماع إليه، ويتخذ الإجراء المناسب أو يحيل الأمر عند الاقتضاء إلى النيابة العامة إذا ظهر له أن الفعل يكتسي طابعا جرميا.
التعليقات - تسجيل صوتي يعيد النقاش حول الضمانات الممنوحة للقضاة ضد كل أشكال التدخل الخارجية :
عذراً التعليقات مغلقة