شطاري نيوز
للموروث الشعبي الحساني لمنطقة الساقية الحمراء وواد الذهب مجموعة من المعتقدات والطقوس المتوارثة عن الأجداد و الأسلاف، والتي يمكن تصنيفها ضمن الفكر الخرافي والأوهام والتفسيرات الخاطئة لكثير من الأمور المتصلة بالحياة اليومية فمنها مايحدت نتيجة لأمور طبيعية أو منها ما يفسر بمعان متعددة غارقة في التأويل.
فمعظم هذه المعتقدات الشعبية نابع من فكر خرافي يزدهر وينتعش بوجود حالات الخوف والقلق والشعور بالضعف وأخرى مستمدة من أساطير محملة بالعديد من القيم والمبادئ التي تمثل نموذجا فكريا معقدا يرسم حدود النشاط الإنساني لدى المجتمع الحساني.
فمن المعتقدات الشعبية الأكثر شيوعا بالمنطقة وتستند إلى دلالات تاريخية موغلة في القدم الاعتقاد في أمور وممارسات كثيرة يراد منها تجنب الضرر وطرد النحس والسوء ودرء المخاطر…وهكذا يتم منع الصفير والولولة داخل البيوت (أو الخيام) لأن ذلك يجلب الهلاك والخراب كما أن إتلاف الأولني الزجاجية والخزفية وتعرضها للكسر يفسر بإبعاد البلاء والبأس و في هذا السياق يقال باللهجة الحسانية “رافد اللباس”.
إضافة إلى كل ذلك يرمز الحذاء المقلوب على عتبة البيت إلى سوء الحظ وتراكب الأحذية فوق بعضها البعض يدل على سفر قريب ومتوقع. وارتباطها بالعين الشريرة والأحزار الناتجة عنها يتم اللجوء إلى مداعبة الأطفال الصغار في حضرة والديهم إلى نعتهم بأوصاف غير مدحية (لكنها تحيل رمزيا على ما هو جميل) ومنها الشوين وهو تصغير لكلمة الشين الحسانية وهي صفة تدل على القبح إلى غير ذلك…
ومن الطقوس الاجتماعية التي مارسها الصحراويون كثيرا طلبا للمطر، أنهم يقومون في موكب جماهيري حماسي يسمى “تاغنجا” وهم يحملون عصيا مزخرفة بالقماش الملون وقطعا من القش المصبوغ مرددين بعض العبارات المختارة منها؟:
تاغنجا يلا عودان.
ياربي سيل لويديان
وأيضا
تاغنجا يللا يللا.
جيب السحاب يلاكلا.
كما يخرج الأطفال مرددين مجموعة من الأغاني الخاصة بالمطر من مقاطعها(ركب ركب يالنو…زيدي زيدي ياسحاب) خلافا لذلك يلجأ بعض الناس الذين يتخوفون من الهطول الغزيرة للمطر إلى توجيه مرآة أو غربال نحو الغيوم المتكاثفة في السماء ظننا منهم أن هذا الفعل سيؤخر نزول المطر وهو مايسمى بالحسانية “كبيط السحاب” أو قد يلجأون لذات الغرض إلى إخراج إمرأة قبيحة المنظر لتعري عن رأسها تحت التساقطات المطرية وهذا النوع من النساء يكون معروفا عند الوسط الحساني حيث تنعت بكونهت “مرتكبظ السحاب“.
وفي مجال إعداد الشاي يفسر الحسانيون إنزلاق الكأس فوق الطبلة بزيارة آنية مرتقبة أما عندما تلتصق جمرة بالإبريق(البراد) فور آخذه من فوق الجمر فيفسر ذلك بقدوم مؤكد لإمرأة.
ففي منطقة الصحراء أيضا يؤمن الصحراويون وسكان منطقة الساقية الحمراء وواد الذهب إيمانا قويا بأن “صدرة لمراح ما تنكلع” أي يمنع نزع النبات من أمام الخيمة أو من حظيرة المواشي لأن في ذلك جلب للنحس للقبيلة وإتلاف للحية الحية ما تملكه القبيلة من مواشي.
و تمتد المعتقدات الشعبية لتشمل الأحجار الكريمة حيق يسود الإيمان بفعالية حجرة الزنزيرة (ذات اللون الأخضر) في درء العين عن الصبي الصغير وكذلك “حجرة الشريع” التي تستعمل كثيرا في القلائد والخواتم إذ يعتقد بأن لها تأثيرا قويا على المخاطر الناتجة عن العين والحسد إضافة إلى أحجار أخرى “كاللبان الحر” ذي اللون الأصفر و”الكوس” و”حجر الميال” الذي تلجأ المرأة التي تريد تأخير موعد انجابها إلى تبخيره.
أما الطقوس والمعتقدات الخاصة بعيد الأضحى لدى ساكنة المنطقة:
فإنه تجري العادة إلى أن يتم الاحتفاظ بدم الأضحية الحار ذي اللون الأحمر القاني داخل إناء في المنزل صغير وتتولى هذه المهمة ربة البيت حيث يسود الإيمان بفعالية هذا الطقس في تقوية التماسك وتعضيده داخل الأسرة إذ يتم تجفيفه لاحقا واستعماله للتبخر لذات الغرض ورغم شدة غموض هذه الممارسة فقد يربط البعض شكل ولون دم الأضحية ببعض التفسيرات الغيبية والتنبؤات المتصلة بمستقبل أفراد الأسرة.
كما قد يستعمل هذا الدم ضمن وصفات سحرية أو طبية في شكل أحجبة لحماية الأطفال الرضع وتحصينهم من أي أذى قد يتعرضون له خلال الأربعين يوما من عمرهم إذ تتم زخرفة أرجلهم بخط أحمر على شاكلة الخلخال الذي تتزين به المرأة من ناحية الساق.
كما يتم التركيز خلال أيام العيد على ارتداء الملابس التقليدية ذات اللون الأبيض خصوصا لدى مجتمع الرجال المقترن بالطهارة والصفاء وروح الانفتاح هذا إلى جانب ختان الأطفال وهي سنة دينية تجسد بداية انخراط الطفل وإدماجه في السقط السوسيوثقافي ويرافق هذه العادة التي تتم أيضا خلال عيد المولد النبوي تهييئ صرة من قبل الأم أو الجدة توضع فيها كمية قليلة من الملح والحرمل تعقد هذه الصرة بخيط أحمر وتعلق في خصر الصبي المختون ولا تنزع عنه سوى بعد عملية الختان ببعض الأيام.
هذه هي بعض المعتقدات الشعبية بمنطقة الساقية الحمراء وواد الذهب ممارسات غريبة يختلط فيها الديني والثقافي والأسطوري كما يجسد ذلك تعاطي المجتمع الحساني لها وتصديقها على نحو ماتعبر عنه بالفال الطيرة و الرغبة في العلاج والماداوة وتحصين الجسد و الدفاع عن ملكيته عبر الإحتماء بفيتشات وخزعبلات مستعارة.
التعليقات - المعتقدات الصحراوية لمنطقة الساقية الحمراء وواد الذهب :
عذراً التعليقات مغلقة