أهمية الفن الصخري بمدينة السمارة

شطاري نيوز : السمارة

إن فترة ما قبل التاريخ فترة جد هامة في البحث العلمي وحتى في تاريخ البشرية حيث أذهلت علماء الآثار والمهتمين به ، ويرجع ذلك في كون تلك الفترة تحمل في طياتها الكثير من مقتنيات تعود لفترات غابرة في الزمن ساهمت في جعل العديد من الباحثين يشرعون في البحث قصد خلق سبق واكتشافات جديدة وأيضا هناك منهم من ذهب الى التخصص في هذا المجال لكسب الخبرة ودراسة ما تم اكتشافه دراسة معمقة ومستوفية لكل شروط الدراسة العلمية المتخصصة ، بالرغم من حساسية التعامل مع الشواهد التي تم العثور عليها لأنها هشة وسريعة التأثير وأيضا قليلة جدا عكس الشواهد الأخرى.

وقد خلف لنا إنسان ما قبل التاريخ العديد من المخلفات منها الأدوات الحجرية والتي استعملها في عدة أغراض لكن كأسلحة بالدرجة الأولى، وأيضا الصناعة الفخارية والتي أبرز من خلالها الإنسان عن تطوره الفكري وقدرته على الصنع من خلال تحويله الطين إلى مادة صلبة واستعمالها لعدة أغراض، كما نجد أيضا البقايا العظمية التي خلفها إنسان ما قبل التاريخ، ثم هناك النقوش والرسوم الصخرية أو ما يعرف بالفن الصخري والذي من خلاله تستطيع فهم طبيعة الإنسان في كل فترة من الفترات وأيضا فهم مسار حياة الإنسان قبل اكتشاف الكتابة لأنه خلق لنفسه طريقة خاصة للتعبير عن ما يجول في خاطره انطلاقا         من الرسم والنقش ومحاكاة الطبيعة في جميع ظروفها.

وتزخر منطقة الصحراء عموما وخاصة مدينة السمارة ونواحيها بالعديد من مواقع الفن الصخري أثبتت للجميع على أن المنطقة لم تكن تعرف مناخا صحراويا بل مرت عبر عدة مراحل عرفت خلالها مناخا مختلفا ، كل ذالك من خلال احتضان مواقع الفن الصخري في المنطقة للعديد من الحيوانات كالفيلة والنعام والبقرة والتمساح والغزلان وغيرها من الحيوانات التي لم يكن لها أن تعيش إلا في أرض غزيرة بالمياه وفيرة الأعشاب تقتات منها الحيوانات وتحتضن الرعاة والصيادين.

يعتبر الفن الصخري  مجموعة من الظواهر المحاكية للطبيعة والتي نفذت من قبل إنسان ما قبل التاريخ وقد إتفق معظم الباحثين على أن الفن الصخري جاء ظهوره استجابة لحاجيات روحية عبر عنها إنسان تلك الفترة بأساليب وتقنيات مختلفة وهو نوعان ، الرسم الصخري ويتواجد بشكل كبير داخل المغارات التي كان يستعملها الإنسان آنذاك للسكن حيث استعمل فيها مواد طبيعية للرسم كصباغات والنباتات وغيرها، والنوع الثاني  هو الفن الصخري المنقوش حيث يتم فوق الصخور المتواجدة بالعراء بتقنيات متنوعة كتقنية النقر وتقنية الصقل وبأساليب مختلفة أيضا. وإذا ما قمنا بمقارنة الفن الصخري رمانيا مع الصناعات  الحجرية  فهو ظهر متأخرا وبالرغم من ذلك فهو لا يقل أهمية عنها ويلعب دورا هاما مثلما لعبته الصناعة الحجرية في الحياة اليومية لإنسان ما قبل التاريخ.

ومنطقة الصحراء عموما تزخر بالعديد من مواقع الفن الصخري تم اكتشافها في فترات مختلفة إبتداءا من فترات تواجد الاستعمار الاسباني بالمنطقة الى الآن حيث لا تزال الاكتشافات مستمرة ، هاته المواقع أكدت على الأهمية الكبيرة للصحراء وأبانت على أنها عرفت إستقرارا للإنسان  منذ القدم وذلك لما كانت تتوفر عليه من ظروف العيش، وتعتبر مدينة السمارة من بين أهم مدن الصحراء التي تضم عددا هائلا من مواقع الفن الصخري بمختلف تقنياته وأساليبه فنجد مثلا موقع العصلي بوكرش والعصلي الحارثي وموقع لغشيوات ولكويز وتازوة وميران وخنك السكوم… وغيرها من المواقع التي تزخر بكم هائل من الرسوم والنقوش الهامة والمتنوعة.

وكباقي المناطق فهاته المواقع تعاني من مجموعة من المشاكل التي تساهم في خلق تهديد حقيقي لمحو وزال لعديد منها ، وهاته المشاكل منها ما هو مرتبط بالإنسان الذي يقوم باقتلاع الأحجار واستعمالها في التزيين نتيجة لقلة الوعي لدى الساكنة بأهمية تلك النقوش وأيضا وجود العديد وأيضا وجود العديد من المقالع التي تستخدم الحجارة كمصدر لها ، وهنا نثمن مجهودات العديد من الفعاليات بمدينة السمارة خصوصا جمعية ميران لحماية الآثار والتي ساهمت بشكل كبير في إيقاف العديد من الشركات كانت تساهم في تدمير العديد من المواقع الأثرية ، ونجد أيضا مشاكل مرتبطة بالطبيعة ناتجة عن مناخ المنطقة الصحراوي الذي يتسبب في محو النقوش والرسوم الصخرية ، وظاهرة التصحر وزحف الرمال وانشقاق الصخور نتيجة التصدع الحراري  كلها ظواهر طبيعية تشكل تهديد حقيقي للفن الصخري بمنطقة السمارة.

إن منطقة الصحراء عموما والسمارة بشكل خاص أصبحت قبلة للدارسين والباحثين في مجال الفن الصخري نتيجة للأهمية الكبيرة التي أصبحت تحتلها، هذا ما أصبح يفرض على الجميع تكاثف الجهود  لخلق وعي لدى الساكنة  بأهمية الحفاظ على هذا الإرث التاريخي وتطويره والنهوض به واستعماله في تنمية المنطقة التي تحتاج أصلا إلى تنمية.

إ.ب