الانتخابــات أو رحـم اللـه الحجـاج

مدير الموقع25 أبريل 2022آخر تحديث : منذ سنتين
مدير الموقع
أقلام حرة
الانتخابــات أو رحـم اللـه الحجـاج

شطاري نيوز : السمـــارة

الأستاذ والأكاديمي النعمـة باه

 

الانتخابــات أو رحـم اللـه الحجـاج
كثيرون هم الذين يطلون اليوم علينا بمصطلحات و تسميات كثيرها مبهم، وكثيرها أيضا غامض، وحديث عن التغيير، عن الواقع، وعن الافاق.
صحيح أن من تولوا تدبير الشأن العام حينا من الدهر قد خانتهم الرؤى، ربما غَلب عليهم الحياء فتلثموا، غلب عليهم الواقع الذي أوجدهم، فتوقفت ساعاتهم عن ضبط الإيقاع.
واقع أوجدته فترة معينة، كانت ربما لها مبرراتها، لكن أمدها طال، وكان رأس الحربة فيها الأمن والمال والبنون، وأشياء أخرى.
قد لا يعيبهم ذلك، بل ليسوا وحدهم المسؤولين عن وجود هذا الواقع الراكد، وإنما الكل مسؤول من موقعه.
تغيير الواقع معزوفة هذه الأيام أَلِفَ الكثير عناقها، وتطرف آخرون في دغدغة الأحاسيس، ولأن الواقع راكد إلى أجل غير مسمى، كما يحلو للبعض التفنن في رسم سوداوته.
بدأت هذه المعزوفات تشد إليها الأذان فتطلع إليها المعطل الولهان، والموظف الكحيان، والتاجر البسيط والمديان، والسائق المتعب العجلان، والمياوم المطحون السهران، والبطال الطامح العريان، والباحث الضائع حد الإتقان، والجمعوي الكثير الشنآن، والصحفي حبيس الأوثان، والمثقف الشارد الكثير النسيان، و المنتخب السياسي المتعطش الظمآن، والنساء والأطفال والشيوخ والأعوان الضائعون كالأقنان، وآخرون وآخرون يتساءلون أما آن الأوان؟…
نعم آن الأوان، أوان الانتخابات، حيث بدأ الكل يؤلف سيمفونيته ويختار لها مقامات تهز المشاعر، طوراً بإسم أبناء الإقليم، وتارة بإسم الشباب، ومرة بإسم المقاولين، وأخرى بإسم الدكاترة، وطورا بإسم المثقفين ،الغيورين، الصالحين ، الطامحين ،الطامعين…معزوفات هي إذن قد لا تمجها الأسماع وقد لا تخطئ أُذن من يتمتع سمعه بحس موسيقي و متذوق (تندغة متعارفة) مراميها…ليبدأ كل مستمع في الاستقراء، و طرح الأسئلة والإشكاليات: منْ كاتب الكلمات؟من الملحن؟ من العازف؟ من أعضاء الأوركسترا؟ ماهي المقامات؟من هو الجمهور المستهدف والمتفرج؟ أسئلة، الكل يبحث لها عن أجوبة تتوالد فيها أبعاد من أبعاد: منْ هو المنتخب، من هو الباحث، من هو الدكتور، من هو الشاب، من هو المقاول، من هو المهندس، من هو الصحفي، من هو ابن الاقليم؟
صفات كما الأزياء، يلبسها هذا وبها يتزين، وعن غيره ينزع زينتها، وكأننا في سباق نحو اجتياز امتحان التخرج، حيث يستوي المثابر المجد المجتهد، والغشاش النقال، والطموح الساذج، والقارئ الذي يُشبِهُ المدينة بشارع واحد لا يأخذك إلا إلى حيث أنت.
إن الآمال والطموحات والإستراتيجيات لا تبنى على حسن النوايا، ولا على الانفعالات، حيث نَنْفَعِل ونظن أننا نفعل، ونُنظِر و نظن أننا نطبق، وإنما على التصورات و البرامج وبناء القواعد وصياغة الرؤى واتساع دائرة الاستقطاب.
الشأن العام ملك للجميع، الكل فيه راع ومسؤول عن رعيته، ولا يحق لأي كان أن يدعي الأحقية فيه، ولا أن يستفرد به، أو أن يبنيه على شعارات كانت محط انتقاد بالأمس، لكنها بتمثُل الواقع قد تبشر بعد أكثر قتامة…الشأن العام ملك لمن يضع له تصوراً ورؤية واضحة و شفافة عن كل الجوانب مجتمعة لا مجزأة ثقافيا واجتماعيا و اقتصاديا، بصيغة تحدد فيها الأولويات، ويقتسم فيها الجميع المسؤوليات ليكون مظلة للجميع.
ولن يتأتى ذلك إلا إذا كانت التلاوين الحزبية والجمعوية والأنتلجنسيا، غير مبنية أصلا على الفئوية أو النخبوية الإثنية أو مصطلحات أبناء الإقليم، أبناء الحي، أو تحديد آفاق واعدة يشهد الواقع أن بعضا ممن يعِدون بها اليوم عند أول محكٍ قد أضاعوا البوصلة (أَلِ لاهي يْرَييِ اعليك خرص رگْبتْ امراحو).
البناء يكون بالتشاركية، والشفافية، والمناكفة بالأفكار، والحوارات البناءة، والنقاشات الهادفة، حتى يستكمل المشهد، وحتى لا يتمخض الجبل ليلد فأرا…فهل نحن فعلا و الجو ملائم، سنختار التغير نحو الأنسب والأفضل أم سنقول غدا “رحم الله الحجاج ما أعدله”.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    تنبيه