شطاري نيوز
الأستـاذ الكبيـر والصديـق نورالديـن أزلمـاط يكتـب كالعـادة موضـوع جديـد عن أغبيـاء السياسـة:
السياسة في المغرب فعل تطوعي مدني يدافع من خلاله الفرد على الايديولوجيا التي يؤمن بها و يعتبرها صوابا، إن هذه المساهمة الفاعلة في الشأن العمومي تعكس رغبة مواطناتية حقيقية تقدم الإضافة النوعية للمجتمع و الدولة، فكلما كانت المشاركة في الشأن العمومي مكثفة وفاعلة كانت مؤشرا إيجابيا على إمكانية التقدم و النمو. إذن فكل من يشارك في الشأن العمومي فهو يمارس واجب المواطنة وهنا لا يقتصر الشأن على المشاركة في المجال الحزبي بل يمتد لكل المجالات ( الجمعيات المدنية/ التنسيقيات الفئوية/ النقابات العمالية/ الأندية المدرسية …) الى آخره من تجليات المشاركة المدنية، إن هؤلاء المشاركين يتميزون طبعا عن غيرهم من السلبيين الذين ينتقدون كل شيء ولا يقومون بأي فعل إذ إن الموقف السلبي القائم على انتقاد كل شيء دون محاولة تغيير أي شيء لا يضيف شيئا ولا ينقص من شيء فهو تجلي للعدم فقط.
إلا أننا يمكن أن نحلل أنواع المشاركين ونقسمهم بدورهم الى أغبياء و أذكياء، وسنعمل في هذا المقال على بيان بعض أوجه الغباء السياسي.
يرتبط الغباء دائما بالمدرسة فنسمع كثيرا أن هذا المتعلم غبي رغم أن أغلى شيء هو أن يوصف المتعلم بالغباء، لأنه لا يوجد متعلم غبي وآخر ذكي، بل هناك متعلم في طور التعلم وفقط، أما من حيث الممارسة السياسية فيمكن أن نقدم هذا النعت لمن يمارس ممارسات تدل على الغباء السياسي.
أول ما نلاحظه كتجلي للغباء السياسي هو الرغبة الجامحة في التموقع من داخل الهياكل الوطنية و حيازة ألقاب المسؤوليات التنظيمية دون أن يكون لهذا الفاعل دور في واقعه المحلي الميداني، إذ أنه لا يعرفه أحد في حيه أو عمله بل إنه مجهول تماما كفاعل سياسي في محيطه، وبذلك فلا تأثير له على الشأن العمومي الذي يلامسه و يتعايش معه بشكل دائم ويومي، هذا الفراغ السياسي يدفع الفاعل الوهمي الى احتراف أدوات الكولسة و التدليس من أجل أن يبقى له وجود على مستوى الهياكل لأنه يعرف جيدا أنه لا وجود له سوى على صفحات الأوراق التي كتب فيها اسمه مثبتا حضوره للقاءات التي يحلم فيها كثيرا ويستفيق من حلمه حالما يعود إلى منزله.
يبحث الفاعل السياسي دائما عن إيجاد معنى لحياته بمعنى أن أحد أهم دوافع الانخراط في العمل المدني يتجلى في إيجاد معنى لفرديته ولذاته ومن هذا المنطلق يمكن تفسير راديكالية البعض و تضحيته الكبيرة بماله ووقته ووقت عائلته من أجل أن يجد معنى لحياته يجعله يستشعر سعادة و رضى عن الذات. هذه الغاية النبيلة تختفي حالما يصبح ذلك الفاعل مجرد كركوز صغير في يد غيره وبذلك يقتل ذاتيته ومعنى وجوده و يصبح وجوده مرتبط بوجود ذلك المتحكم فيه. إن الممارس السياسي و الذي لا يتمتع بالقدرة على الفعل و على إصدار قرار حتى وإن كان خاطئا وينتظر دائما توجيها من أحدهم ليكون فعله أو حركته صحيحا، هذا التابع إنما غبي سياسي لأنه انحرف عن غايته الأسمى و قتل ذاته المقدسة.
أما الوجه الثالث من أوجه الغباء السياسي فإنه يتجلى في جعل هوايتك السياسية كل حياتك و تهمل جوانب مهمة من أولوياتك خصوصا العائلة و المسار المهني و وقت الراحة.
هذا الإيمان الدوغمائي المتعصب و الذي يصل يصاحبه في أغلب الوقت الى تدعشش غبي لا معنى له يضر بصاحبه ويجعله يفقد حياته بحثا عن معنى لها، فلا غباء أكثر من أن تبحث عن معنى لحياتك وتنسى حياتك من الأساس، بمعنى أن تهمل ذاتك و تهمل أسرتك و تهمل عملك من أجل أن يقول عنك الناس أنك فاعل سياسي عظيم.
هذه في نظري بعض أوجه الغباء السياسي ويمكن أن تكون خاطئة لكنها مجرد وجهة نظر تعكس خلاصة تجارب واقعية…
التعليقات - أغبياء السياسة :
عذراً التعليقات مغلقة