السمارة تحتضن يوما دراسيا حول النموذج الإسباني في الحكم الذاتي دعما للرؤية المغربية لحل النزاع الإقليمي

شطاري نيوز

في إطار مواكبة النقاشات الدولية الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية شهدت مدينة السمارة اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025 تنظيم يوم دراسي نوعي من طرف رابطة الصحراء للديمقراطية وحقوق الإنسان، بشراكة مع جماعة السمارة، تحت عنوان: “تجربة الحكم الذاتي: المملكة الإسبانية نموذجا” وذلك بحضور وازن لعدد من الشخصيات الأكاديمية والسياسية، والدبلوماسية، والمدنية.

عرف اللقاء المنعقد بمركز الاستقبال مشاركة عدد من المنتخبين، من ضمنهم المهندس مولاي إبراهيم شريف رئيس جماعة السمارة، إلى جانب برلمانيي الإقليم، ورؤساء الجماعات الترابية، وشيوخ وأعيان القبائل الصحراوية، وفعاليات المجتمع المدني، وممثلين عن وسائل الإعلام، وهو ما منح الحدث زخما سياسيا ومجتمعيا لافتا.

بعد تلاوة آيات من الذكر الحكيم والنشيد الوطني افتتح المسيير الدكتور الوالي جودا أشغال الجلسة، مبرزا أهمية تملك النخب المحلية والإقليمية للمعرفة المقارنة حول تجارب الحكم الذاتي، وأشاد بالدور العلمي الذي تلعبه مثل هذه اللقاءات في إغناء النقاش حول مقترح الحكم الذاتي كحل سلمي وواقعي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

وقد قدم رئيس جماعة السمارة مداخلة بعنوان “اللامركزية الترابية والديمقراطية التمثيلية – جماعة السمارة نموذجا”، استعرض فيها تجربة الجماعة في التسيير الترابي وأكد أن هذا النموذج المحلي يعكس بشكل عملي مضمون الحكم الذاتي في أبعاده التنموية والديمقراطية.

شهد اليوم الدراسي تقديم مداخلات علمية نوعية أبرزها مداخلة الدكتورة إيلينا كارولينا دياز غالان، التي عبرت في بدايتها عن امتنانها للدعوة وللأجواء الغنية لهذا “اليوم التاريخي” كما شكرت رئيس جماعة السمارة على عرضه الافتتاحي. وقدمت مداخلتها بعنوان “الحكم الذاتي بالصحراء المغربية في السياق الدولي الجديد” أكدت فيها أن هناك توجها متزايدا من الفاعلين الدوليين لإنهاء هذا النزاع، مستشهدة بمواقف كل من إسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية الداعمة للمبادرة المغربية. وأوضحت أن الساكنة المحلية تظل عنصرا محوريا أساسيا في نظر القانون الدولي، مشيدة بانخراطها السياسي في تدبير الشأن العام. كما أكدت أن نموذج الحكم الذاتي ليس موحدا عالميا بل يتخذ صيغا متعددة حسب السياقات، مبرزة أن النموذج الإسباني يعد من أنجح هذه التجارب وسيخصص له نقاش معمق مستقبلا.

وفي المداخلة الثانية قدمت لوسيا مانتيكون مداخلة قوية سلطت فيها الضوء على الدعم المتنامي للولايات المتحدة الأمريكية لمقترح الحكم الذاتي المغربي، موضحة أن السياق الدولي يشهد إعادة تشكل جيوسياسي تقوده قوى فاعلة من بينها واشنطن. وربطت مداخلتها بتاريخ العلاقات المغربية الأمريكية، مشيرة إلى أن المغرب كان أول دولة تعترف باستقلال الولايات المتحدة، وهو ما أسس لشراكة تاريخية تأخذها الولايات المتحدة بعين الاعتبار في دعمها للمغرب. كما استعرضت مواقف عدد من الدول الأوروبية كألمانيا وهولندا، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يعتبران المغرب شريكا استراتيجيا في مجالي الأمن والاقتصاد، وثمنت ما قامت به المملكة من جهود دبلوماسية مدروسة لكسب الدعم الدولي لمبادرتها.

أما الخبير الإسباني إغناسيو بيريز ماسياس، فقد تناول في مداخلته تطور موقف بلاده الرسمي تجاه قضية الصحراء، مشيرا إلى أن إسبانيا باتت تنظر إلى مقترح الحكم الذاتي المغربي كمقاربة جدية وذات مصداقية، وذلك في إطار شراكة استراتيجية متقدمة مع المغرب تم تعزيزها في السنوات الأخيرة على أكثر من صعيد.

وفي المداخلة الرابعة لـ هارولد بيرتو تريانا، الذي قدم قراءة قانونية معمقة لمبادرة الحكم الذاتي في ضوء قواعد القانون الدولي الحديث.

في ختام الجلسات، فتح باب النقاش أمام الحاضرين الذين ساهموا بأسئلتهم وتوصياتهم في تعميق الحوار حول سبل دعم المبادرة المغربية، وتوسيع قاعدة الترافع الأكاديمي والمدني بشأنها. كما أجمع على أهمية ربط النماذج الدولية بالسياق المحلي لتقديم رؤية واقعية للحكم الذاتي المغربي.

ويأتي هذا اللقاء في ظل زخم متزايد يعرفه ملف الصحراء المغربية، حيث باتت المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي تم طرحها سنة 2007، تحظى بتأييد واسع من مختلف القوى الإقليمية والدولية، باعتبارها حلا واقعيا متوافقا مع القانون الدولي، وقادرا على إنهاء نزاع طال أمده.