شطاري نيوز
لا أحد يقدر على تفسير تمامًا العلاقة التي تربط المغاربة بسردين البحر. هل هو ارتباط ثقافي عميق أم دافع اقتصادي؟ لكن المؤكد هو أن السردين أصبح رمزًا من رموز المطبخ المغربي، حيث يطهى بطرق مختلفة على الموائد المغربية، من المقلي إلى المشوي، وحتى في الطاجين والفرن، ليصبح من الأطعمة التي لا غنى عنها في الحياة اليومية للمواطن المغربي.
قد يكون سبب هذه العلاقة هو وفرة السردين في سواحل المغرب، التي تمتد لأكثر من 3500 كيلومتر، وقد تكون أيضًا الثقافة المتوسطية هي العامل الآخر، إذ تحتل الأسماك نفسها مكانة مماثلة في العديد من الدول المتوسطية. كما كان السردين يعد الخيار الأرخص للعديد من الأسر المغربية.
ولكن في الآونة الأخيرة، شهد سعر السردين ارتفاعًا غير مبرر، حيث أصبح المواطن المغربي مجبرًا على دفع 30 أو 40 درهمًا للحصول على كيلوغرام واحد من هذا السمك الذي كان في السابق في متناول الجميع. هذا التحول في الأسعار دفع المغاربة للتوجه إلى الأسماك الأخرى، التي كانت تُعتبر من الرفاهيات بالنسبة للعديد منهم.
ما أضفى مزيدًا من التعقيد على الموقف هو ظهور شاب مراكشي، قرر بيع السردين بخمسة دراهم للكيلو، متجاوزًا جميع الوسطاء والمضاربين الذين كانوا يتحكمون في الأسعار. هذا الشاب، الذي أطلق على محله التجاري اسم “ميناء مراكش”، أثار ضجة كبيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، محاولًا فضح جشع الوسطاء الذين يتسببون في زيادة الأسعار بشكل غير مبرر. فقد أكد هذا الشاب أن ثمن السردين في الجملة لا يتجاوز ثلاثة دراهم للكيلو، بينما يتم بيعه للمستهلك بأسعار مرتفعة تصل إلى 30 درهمًا، وهو ما يجعل المستهلك المغربي في موقف صعب.
تصريحات الشاب المراكشي زادت من الجدل حول الأسعار وخلق حالة من الارتباك في صفوف التجار. كما أجبر هذا الوضع المؤسسات الحكومية على التدخل، حيث أقر مجلس المنافسة بوجود اختلالات كبيرة في الأسعار، مؤكدًا أن أكثر من 50% من قيمة المنتجات تذهب إلى الوسطاء، بينما لا يستفيد المنتجون ولا المستهلكون من هذه الأرباح غير العادلة.
في الجهة الأخرى، تقف الحكومة التي تسعى جاهدة إلى خفض أسعار اللحوم عبر إجراءات مثل تقليص الرسوم الجمركية على استيراد اللحوم والأبقار. ورغم هذه المحاولات، يظل المغاربة في حالة من الحيرة، حيث تتزايد الأسعار في مختلف القطاعات دون وجود حلول فعالة لمعالجة هذه الظاهرة.
السؤال الذي يطرحه الجميع الآن: هل ستتمكن الدولة من القضاء على “عفريت الاحتكار” الذي يلتهم قدرة المواطنين الشرائية، أم سيظل الأمر كما هو عليه؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة على هذا التساؤل.
التعليقات - حراك السردين يثور ضد جشع الاحتكار :
عذراً التعليقات مغلقة